بقلم: ذ محمد مجيد
أستاذ باحث في التاريخ
الواضح في الصراع السوري أن هناك صراعا بين
من يدعم نظام "بشار الأسد" ومن يقف ضده، وفي الساحة العراقية صراع طائفي
بين الشيعة والسنة. فأصبحت دول العالم من اليمين الى اليسار ومن الشمال إلى
الجنوب، تدعم طائفة ضد أخرى، بل تحارب إلى جانب البعض وتجامل الآخر.
تذهب الكثير من التحليلات التي تحاول تفسير
التهافت العالمي والغربي حول المنطقة إلى الرغبة في السيطرة على الموارد الطاقية
التي تختزنها المنطقة من بترول وغاز طبيعي. لكن الحقيقة أبعد من ذلك، حيث إن البترول والغاز اليوم أصبح
مسالة وقت فقط، لأن احتياطاته تتراجع بشكل كبير في المنطقة العربية وأكثر من ذلك
تم اكتشافه في مناطق أخرى بأقل تكلفة كما هو الحال بخليج غينيا.
هذا الأمر يدعو للبحث عن سبب آخر لهذا
التهافت الذي يمكن تفسيره بما يحتويه باطن أراضي هذه المنطقة من مصادر طاقية جديدة
ستشكل مستقبلا بديلا للمصادر الحالية. فالحرب الدائرة فوق أراضي الشام والعراق
بذريعة وجود تنظيم إرهابي ، باطنها ربما يحتوي معدنا جديد الاستعمال رغم قدم اكتشافه،
هو طاقة الثوريوم.
تم اكتشاف الثوريوم منذ سنة 1828، والذي
سيمثل مصدر الطاقة المستقبلي حيث لا تزال الدراسات والتنقيبات حوله جارية على عقب
وساق، ويتم الحصول عليه بكميات صغيرة في الصخور والتربة، وهو من أنواع الوقود
النووي البديلة لليورانيوم.
فالثوريوم يمثل مصدرا طبيعيا للطاقة وصديقا
للبيئة لأنه غير ملوث، وغير مكلف في استخراجه، حيث يمكن استخراجه من حفر صغيرة
وغير عميقة، كما أن أربعة غرامات منه تكفي لتوفير احتياجات الولايات المتحدة
الامريكية من الطاقة لمدة عام، ويمكن استخدامه مائتي مرة أفضل من استخدام
اليورانيوم الذي يسبب مضار كبيرة للبيئة، إضافة إلى أن استخراج خمسة آلاف طن منه
سنويا ستكفي لإنتاج الطاقة لمدة عام في الكرة الارضية.
أصبحت اليوم العديد من الدول تسخر قوتها
العلمية والتكنولوجية للبحث والتنقيب عن هذه الثروة ودراستها وإجراء الابحاث حولها
كمصدر للطاقة البديلة والرخيصة، مما أدى إلى اشتداد التنافس فيما بينها حول
المناطق المحتمل أن تكون أرضا لهذه الطاقة المستقبلية، ويجعل الحرب القادمة ستدور
رحاها حول الثوريوم ومناطق اكتشافه، مما يفتح التكهنات حول المنطقة العربية، خاصة
الشام والعراق و إمكانية دخولهما ضمن نادي المناطق الغنية بالثوريوم. من هنا يمكن
تفسير التهافت العالمي حول المنطقة التي كلفت "منظمة داعش" بحراستها إلى
حين.
